الاثنين، 10 مايو 2010















أردت أن تكون كتاباتي في هذة المدونة تفيد الثقافة الإسلامية وتخدمها , لأن كلمة ثقافة ذات نكهة إسلامية وعربية أكثر منها غربية.


حسن الرماح
نجم الدين حسن الأحدب (المتوفى عام 1294) عاش حسن الرماح في سوريا و ألف العديد من الكتب و الرسائ
ل في المكائد و الأسلحة الحربية وهو أحد أفراد أسرة عريقة بهذه الصناعة، وقد كتب رسائله الحربية مستوحياً مادتها من أبيه وأجداده المختصين بهذه الصناعة والذي استخدم "ملح البارود" على نطاق واسع في عيارات النفط - مسحوق البارود - وقد ذكر في كتابه العديد من وصفات البارود تزيد على العشرة وكلها تعطينا مسحوق بارود متفجر، وورد في صفحة العنوان أن الكتاب؛ (تعليم الأستاذ الأجل نجم الدين حسن الرماح عن أبيه وأجداده الأستاذين في هذه الصناعة وعن من صحبهم من المشايخ والأستاذين رضي الله عنهم أجمعين) ، ونفهم من هذا القول أن "الرماح" لم يبتدع كل ما ورد في كتابه من عنده، بل أخذه عن أبيه وأجداده الخبراء في الصناعة الحربية وعن زملائهم "الأستاذين".

من كتبه

كتاب الفروسية والمناصب الحربية , وتوجد من هذه المخطوطة صورة مصورة في معهد المخطوطات العربية في القاهرة هناك شرح لصناعة انواع عديدة من الصواريخ "الطيار" تختلف بالمدة و السرعة و الحجم وكذلك نوع من الطوربيدات يصطدم بالسفن وينفجر. ـ كتاب البنود في معرفة الفروسية ، ومنه نسخة في راميور ونسخة أخرى في دار الكتب المصرية. - كتاب الفروسية في رسم الجهاد المخطوطة رقم 2825 باريس وفيه إشارات إلى وصفات كاملة اشتملت تركيب وهيئة البارود الذي كان يدك في المدافع آنذاك.


حكاية ........

ذات ليلة ، تقدم المماليك بآلة من الآلات فظيعة ؛ لإحداث الضرر والأذى بالمعتدين ، ووضعوها قبالة قاذفات الحجارة التى كان يحرسها فى تلك الليلة السير ( والتر دى كورنيل ) ، وأنا .. ولقد أطلقوا من هذه الآلة كميات هائلة من النار الإغريقية ، غير أنها كانت أفظع ما رأت عينى على الإطلاق ، وعندما شاهد زميلى السير (والتر) هذا السيل المنهمر من النيران ، صاح قائلا :ـ أيها السادة لقد ضعنا جميعا ولا مفر لنا .وأما هذه النار ؛ فكانت كالبراميل المشتعلة ، وفى خلفها ذيل طويل ، وأما الصوت الذى كانت تحدثه عند انطلاقها فكأنه الرعد ، وكانت تشق الهواء كأنها تنانين تطير فى الهواء ، تضيىء في ظلمة الليل ضوءا قويا حتى لقد كنا نرى الأشياء في خيامنا وكأننا بالنهار تماما , وقد أطلقوا من هذه الآلة ثلاث مرات فقط فى تلك الليلة ، وكان ملكنا الطيب ( لويس ) فى كل مرة يسمع فيها هذه الطلقات يركع على الأرض ، ويتجه إلى السماء باسطاً ذراعيه ، والدمع ينهمر من عينيه مدراراً على خديه ، ويقول :ـ أيها الرب عيسى المسيح ، احمنى وجميع من معى .. ) .

هذه ليست مقطعا من أحد أفلام الأكشن الأمريكية ، ولا هى فقرة من قصة حربية مثيرة .. بل هى أحداث جرت بالفعل على أرض مصر أثناء إحدى معارك المسلمين والصليبيين ، خلال محاولتهم غزو مصر بقيادة لويس التاسع ( 1249 م ـ 1250 م ) ، حكاها أحد قادة الحملة اسمه ( جوانفيل Joinville ) .. وهو يعتبر أقدم النصوص الأوروبية التى تشهد بإستخدام المسلمين للبارود والمدفع فى معاركهم الحربية ضد الصليبيين.

الغريب أنه حتى هذا النص الذى كتبه شاهد عيان عاصر الأحداث ، لم يسلم من تشكيك البعض فيه .. وكان موضع خلاف بين الباحثين .. فقد ذهب كل من ( فرموكى Romocki ) و ( هايم Heime ) و ( بارتنجتون Partington ) وهم مؤرخون إلى أن المستعمل ليس بارودا .. بينما ذهب المستشرق جوستاف لوبون ، والأستاذ جلال مظهر ؛ إلى أن المادة المستعملة كانت هى البارود .. والحقيقة أن ( النص ) الأوروبى يحمل وصفا مشابها للبارود ، وهو ما يؤكد أن العرب المسلمين استخدموه فى حروبهم .. والحق ما شهدت به الأعداء ، كما يقال .إذن .. فما هى المشكلة ؟ هكذا تساءل الباحث العراقى الأستاذ / صبيح صادق فى كتابه ( صور حية من تراثنا العلمى العربى ) ، فى ختام بحثه حول الموضوع .. حيث تبين له أن هناك نصوصاً أوروبية فقط سبقت الحسن الرماح ، رجح الباحثون أن العلماء الأوروبيين الذين ينسب لهم هذا الاختراع ؛ نقلهم له عن العرب , ولكن يبدو أن الأوروبيين سجلوا ذلك ولم يسجله العرب, ويبدو فهم ذلك صعباً , لكن الأمر أشبه بشخص أمن على اختراعه فلم يسجله , فتأخر بعد ذلك عن ركب الحضارة وتخلى عن اختراعه فأخذه آخر وطور به قليلاً ثم نسبه لنفسه .. واستدل أيضا بدليل آخر : وهو استخدام العرب الفعلى للبارود فى حروبهم ، وتسائل سيادته : هل من المعقول أن تخترع أوروبا للبارود قبل العرب ، ثم يستخدمه العرب قبلهم ؟ وخلص فى نهاية بحثه إلى أن الصينين هم أول من استعمل ملح البارود ( نترات البوتاسيوم ) فى صنع الألعاب النارية ، وأن هناك الكثير من الدلائل التى تشير إلى استخدام العرب المسلمين للبارود فى القتال ، بدليل تأثر العلماء الأوروبيين الذين ينسب لهم هذا الاختراع بالحضارة العربية الإسلامية ، وبدليل استخدام العرب للبارود فى الحروب ـ كما هو ثابت بالوثائق والنصوص ـ قبل أوروبا وبشكل عملى ، وبشهادة الباحثين الأوروبيين أنفسهم.

ولا يجب أن ننكر وجود منصفين أعادوا الحق إلى نصابه واعترفوا بفضل حضارة العرب الإسلامية على الغرب والعالم ، وسبقهم له فى شتى المجالات العلمية .. لعلنا قصرنا فى توثيق ابتكاراتنا كشأننا دائما ، أو لعل الحروب الصليبية الطويلة والحملات المتكررة على أمتنا آتت أكلها ، فنقلت إلى بلادهم الكثير من منجزاتنا ، حتى لم تدع وراءها أثراً .. أو لعله السطو الغربى غير المبرر على المكتبات الإسلامية فى الأندلس بعد سقوطها .. وأيَّا كانت نتيجة الخلاف بين الباحثين والمختصين ؛ ندع الحكم النهائى والفاصل فى هذه المعضلة للتاريخ ، وعلينا أن نوحد صفوفنا ونثق فى قدراتنا ونبدأ من جديد كخير أمة ، تقف على أرض صلبة وتستند لتاريخ مشرِّف .. وهذه حتمية يقررها الواقع وتفرضها الظروف الدولية الجديدة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق